/ / العنف في المؤسسات التعليمية.. معضلة تؤرق التلاميذ والآباء

العنف في المؤسسات التعليمية.. معضلة تؤرق التلاميذ والآباء

العنف في المؤسسات التعليمية.. معضلة تؤرق التلاميذ والآباء



من بين المشاكل التي تتخبط فيها المؤسسات التعليمية العمومية في المغرب، هناك تفشّي ظاهرة العنف داخل أسوار هذه المؤسسات وفي محيطها، وهو ما دفع بوزارة التربية الوطنية إلى توقيع اتفاقية إطار مع وزارة الداخلية، من أجل محاربة هذه الظاهرة، التي وصفها وزير التربية الوطنية محمد الوفا، في أحد تدخلاته بالبرلمان خلال شهر ماي الماضي، بـ"أن الأمر يتعلق بحالات معزولة من العنف داخل مؤسسات التعليم وفي محيطها"، غير أنّ هذه الحالات، وإن كانت معزولة، حسب تعبير الوزير، إلا أنها تخلف قلقا متناميا في أوساط التلاميذ وأولياء أمورهم على حدّ سواء.
http://t1.hespress.com/files/lyceemaroc1_803139126.jpgالمطالبة بتوفير الأمن
في إحدى الثانويات التأهيلية بمدينة الرباط، قام تلاميذ المؤسسة، بداية الأسبوع الحالي، بوقفة احتجاجية طالبوا خلالها بتوفير الأمن في محيط المؤسسة، بعد تعرّض تلميذ لطعنة في عنق بواسطة مفكّ براغي (tournevis)، على يد تلميذ آخر يدرس معه في نفس المؤسسة، أفضت بالتلميذ الأول إلى المستعجلات، حيث أصيب بشلل مؤقت على مستوى اليد، قبل أن يستردّ التحكّم في يده بشكل تدريجي، وما يزال تعت العناية الطبية بالمستشفى إلى حدود كتابة هذه السطور، حيث يتلقى ترويضا طبيا، ومن المنتظر أن يعود إلى المؤسسة التي يدرس بها، حسب ما صرّح به مدير المؤسسة لهسبريس، بعد أيام، من أجل اجتياز الفروض.
الثانوية التأهيلية التي وقع في محيطها الاعتداء، والواقعة في قلب أحد الأحياء الشعبية، يبدو محيطها، حسب ما عاينته هسبريس هادئا، لكنّ التصريحات التي استقتها الجريدة من بعض تلاميذ المؤسسة تؤكّد على أن "غرباء" يتجولون بين فينة وأخرى في محيط المؤسسة، ويعتدون على التلاميذ، خصوصا أثناء خروجهم بعد انتهاء الحصة المسائية، بعد أن يكون الظلام قد أسدل ستاره على محيط المؤسسة، كما أكدوا على أن عناصر الشرطة حضرت في اليومين اللذين أعقبا وقوع الاعتداء، حيث سهروا على تنظيم وتأمين عملية دخول وخروج التلاميذ، في الفترتين الصباحية والمسائية، ولم يعودوا إلى عين المكان بعد ذلك.
http://t1.hespress.com/files/lyceemaroc2_880486025.jpg
تصفية حسابات
غير أنّ مدير المؤسسة، نفى ما جاء على لسان التلاميذ في تصريحات لهسبريس، وقال إنّ عناصر الأمن تقوم بمراقبة محيط المؤسسة، "حيث حضروا صباح اليوم (الخميس)"، كما أوضح أنّ الحادثة التي وقعت ليست بنيّة إجرامية، بقدر ما تتعلق بـ"تصفية حسابات، وهي الحادثة التي يمكن أن تقع في أيّ مؤسسة تعليمية أخرى، حتى ولو كانت هناك مراقبة أمنية بمحيط المؤسسة"، حسب قوله.
وعن الإجراءات التي تمّ اتخاذها بعد الحادثة أوضح نفس المتحدّث بأنّه باشر اتصالات مع جميع المعنيين بالأمر، بمن فيهم رئيس الدائرة الأمنية التي تتبع لها المؤسسة، والنائب الإقليمي، وعقد لقاء مع الباشا والقائد، إضافة إلى إشراك الأساتذة، وجمعية الآباء، والساكنة، من أجل أن يتمّ احتضان المؤسسة من طرف الجميع، مضيفا أنّ جميع هذه الجهات، أبدت تعاونها من أجل الحدّ من هذه الظاهرة، وأنه كلما راسل جهة من هذه الجهات إلا وتبدي تعاونها، من أجل الحدّ من هذه الظاهرة، مشيرا إلى أن شرطة القرب تلعب دورا مهمّا في الحدّ من هذه الظاهرة، لأنها تستطيع الوصول إلى أماكن لا تصل إليها سيارات دوريات الشرطة، كما أنّ المسؤولين لديهم هاجس الحفاظ على الأمن بمحيط المؤسسات التعليمية، "يجب فقط طرق الأبواب". يوضح المدير.
مضيفا بأنه لم يسبق له أن نادى على الشرطة ولم تأتِ، وفي الامتحانات يكون حضورهم لا مشروطا، مشيرا إلى أن هناك من يقوم بتهويل هذه الأمور ويضخّمها أكثر من حجمها الحقيقي.
http://t1.hespress.com/files/lyceemaroc3_902722638.jpg
أسباب العنف
من أكثر الأسباب التي تؤدّي إلى وقوع حالات عنف بمحيط المدارس وحتى داخل أسوارها، "تفشي ترويج المخدرات بين صفوف لتلاميذ". يقول مدير المؤسسة، مشيرا إلى أنّ تضافر مجهودات الجميع يمكن أن يحدّ من هذه الظاهرة، وضرب مثالا بالمؤسسة التعليمية التي يديرها، والتي قال بأنها حققت نتائج ملموسة فيما يتعلق بمحاربة العنف، سواء داخل المؤسسة أو خارجها، وذلك باتخاذ إجراءات استباقية بمشاركة جميع المعنيين، من إدارة وأساتذة وجمعية آباء وتلاميذ، وزاد قائلا إنه "لا بدّ من منهجية علمية وبعد تربوي من أجل إعادة تأهيل التلاميذ الذين يتعاطون المخدرات مثلا، عن طريق الإقناع، حيث كشف المدير عن كون الحملات التحسيسية التي قاموا بها داخل المؤسسة أفضت بعدد من التلاميذ إلى التخلي عن تعاطي التدخين، أو لمخدرات عن طواعية.
http://t1.hespress.com/files/lyceemaroc5_571882247.jpg
مقاربة الوزارة لمحاربة العنف
تعتمد خطة وزارة التربية الوطنية من أجل محاربة العنف المدرسي على مقاربتين، تتمثل الأولى، حسب ما صرّح به وزير التربية الوطنية في البرلمان خلال شهر ماي الماضي، في "إحداث مراكز جهوية لرصد العنف بالوسط المدرسي، حيث تم إحداث 11 مركزا جهويا، وستتم عملية التعميم قبل متم سنة 2012"، حيث ستعمل هذه المراكز على التعامل مع حالات العنف، سواء قبل حدوثها، من خلال التوعية والتحسيس، أو بعد وقوعها، من خلال الإدماج والمصاحبة والبحث عن سبل التكفّل، مع إحداث مراكز الاستماع وخلايا الإنصات لتتبع العنف والمتضررين من، وإحداث أندية تربوية، وتنظيم تظاهرات ثقافية وفنية ورياضية.
فيما تعتمد المقاربة الوزارية الثانية على "توقيع اتفاقية إطار، وإصدار دوريات مشتركة مع وزارة الداخلية لضمان الأمن المدرسي وحماية محيط المؤسسة، حيث تتوصل الوزارة أسبوعيا بتقرير مفصل عن حالات العنف التي يتم رصدها بمحيط المؤسسات التعليمية من طرف الجهات المختصة؛ وكذا تعميم الحراسة بالثانويات الإعدادية والتأهيلية والعمل على تغطية باقي المؤسسات الابتدائية؛ والتنسيق مع المرصد الوطني لحقوق الطفل في ما يخص الحالات المعروضة عليه، خصوصا تلك التي تتطلب متابعة قضائية.
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك /بكى كعضو لمشاركتنا الاراء و الافكار

ألارشيف