/ , / الفساد وزارة واحدة

الفساد وزارة واحدة

الفساد وزارة واحدة

تنطوي قرارات وزير التربية الوطنية على قدر كبير من التلميح بوجود فساد تخنق روائحه شوارع الوزارة ومراكزها الحساسة، لكن بحنكة الدبلوماسي المتمرس، فضل محمد الوفا سل الشعرة دون أضرار جانبية، مكتفيا بـ"تعليق" البلجيكي كزافيي روجرز، بدل الاجتهاد في معرفة من أسقط الصومعة.
في المقابل، أحسسنا مع لحسن الداودي، وزير التعليم العالي، بأن مقاربة مغايرة تتبلور في الأفق، حين لجأ إلى الصحافة للكشف عن خروقات وصفها بالخطيرة تتعلق بطريقة تدبير الصفقات ومظاهر لهدر المال العام والتلاعب في الملفات وديبلومات المعادلة، ما استدعى منه تلميحا صريحا بعرض كل هذه «الفضائح» على القضاء.
نحن إذن إزاء مقاربتين لملفات تدبير كان يشرف عليها الوزير السابق للتربية الوطنية والتعليم العالي: واحدة ترفع شعار «عفا الله عما سلف والبدء من الصفر»، وأخرى تضع الأمور في سياقها الطبيعي، بإحالتها على القضاء، باعتباره الجهة التي لها الحق في التقرير في ملفات تحوم حولها شبهات، في إطار تنزيل ديمقراطي لمقتضيات الدستور يقضي بربط المسؤولية بالمحاسبة.
إن اكتشاف أورام فاسدة في منظومة التسيير بوزارة التربية الوطنية (التي تجثم عليها «حيتان كبيرة» راكمت، منذ عقود، امتيازات ضخمة تحولت إلى «حقوق مشروعة»، بفضل شبكات متعفنة من الزبونية والمحسوبية والعلاقات القبلية والنقابية والحزبية والعائلية) كان يقتضي جرأة سياسية أكبر لاستئصال «الخمج» من جذوره، بدل «رمي الرضيع مع ماء الاستحمام»، كما يقول الفرنسيون.
إن الرضيع في حالتنا هو مشروع بيداغوجيا الإدماج وباقي ملحقاته المنهجية المتعلقة بتنزيل مقاربة التعليم بالكفايات المنصوص عليها في الميثاق الوطني للتربية والتكوين الذي قدمته الوزارة قربانا على مذبح سلم اجتماعي مغشوش مع النقابات القطاعية، في وقت كان الأجدر كشف الستار عن التماسيح الكبيرة التي تختبئ خلف مشاريع الإصلاح المختلفة التي شهدها القطاع منذ عقد، لممارسة رياضة النهب ومراكمة الثروات والتلاعب في الترقيات وإسناد المناصب والامتحانات المهنية والصفقات العمومية والسكنيات الوظيفية والتكوينات والتوظيفات المشبوهة والتستر على الأشباح والتلاعب في ميزانية المطاعم والداخليات.
الفساد ملة واحدة، وهو يجري، اليوم، للأسف الشديد، في قطاع مهنته الأساسية التربية والتكوين والتعليم.. والمستقبل.

الصباح
1-3-2012
الموضوع السابق :إنتقل إلى الموضوع السابق
الموضوع التالي :إنتقل إلى الموضوع القادم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مرحبا بك /بكى كعضو لمشاركتنا الاراء و الافكار

ألارشيف